الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
109663 مشاهدة
الإيمان بالغيب معناه وصفته

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الله تعالى: ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .
الإيمان بالغيب هو الإيمان بكل ما أخبر الله تعالى به وأخبرت به رسله من الأمور الغائبة التي ما رآها المؤمنون، ولكن أخبرهم بها الله تعالى وأخبرتهم بها رسله، فيؤمنون بها.
والإيمان بها التصديق اليقين بصحة ما ذكر فيها، ذَكَر النبي صلى الله عليه وسلم أركان الإيمان بقوله: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره وهذه كلها من الأمور الغيبية يصدق بها المسلم وإن لم يرها، وذلك لاعتماده في التصديق على خبر الله تعالى وعلى خبر رسله، ومتى كان المُخبِر صادقا قُبِل خبره، واعتقد صحة ما أخبر به؛ فلذلك يكون الإيمان بالغيب من أقوى صفات المؤمن.
ورد في حديث الذاكرين أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن لله تعالى ملائكة سياحون في الأرض، فإذا رأوا جماعة يذكرون الله تعالى تنادوا: هلموا إلى حاجتكم, هلموا إلى حاجتكم، ثم يحفونهم إلى السماء, يحفونهم بأجنحتهم, ثم يصعدون إلى السماء, فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم: من أين أتيتم؟ فيقولون: أتينا من عند عباد لك يذكرونك ويشكرونك, ويحمدونك ويدعونك, ويستغفرونك, فيقول: وهل رأوني؟ فيقولون: لا والله يا ربنا ما رأوك, يقول: كيف لو رأوني؟ يقولون: لو رأوك لكانوا أعظم لك عبادة, وأعظم لك تعظيما, وأعظم لك تبجيلا, فيقول: وما يسألوني؟ يقولون: يسألونك الجنة. فقال: هل رأوها؟ قالوا: لا والله ما رأوها. كيف لو رأوها؟ قالوا: لو رأوها لكانوا أشد لها طلبا وأشد لها حرصا، قالوا: ويستعيذون بك من النار. فيقول: وهل رأوها؟ قالوا: لا والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها لكانوا أشد منها هربا وأشد منها استعاذة أو كما قال.
هذه صفة الإيمان بالغيب, أي: أنهم يؤمنون بالغيب, بمعنى: أنهم يصدقون بما أُخبروا به, يؤمنون بربهم سبحانه, وبأسمائه وبصفاته وهم لم يروا ربهم في الدنيا، ولكن يعتمدون على الأخبار الصادقة ويعتمدون أيضا على الآيات والبراهين والبينات، فإيمانهم بالله وبصفاته من الإيمان بالغيب.
كذلك يؤمنون بكتب الله أنه أنزل كتبا، وإن لم يشاهدوا إنزالها قد يرونها أو يرون بعضها ولا يشاهدونها عندما نزلت، ولكن يتحققون أنها كلام الله وأنها كتبه فيؤمنون بجميع الكتب، ورد أن الله تعالى أنزل مائة كتاب وأربعة كتب، الأربعة: التوراة والإنجيل والزبور والقرآن. هذه الأربعة تضمنت معاني المائة الأخرى، ثم إن معاني الأربعة تضمنها القرآن فهو مهيمن على الكتب قبله، قال الله تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ أي: محتويا على معاني الكتب السابقة؛ فلذلك من آمن بالقرآن آمن بما أخبر الله تعالى فيه من الكتب السابقة، ولزمه اتباعه.
كذلك الإيمان بالرسل، ما رأيناهم إلا أنا سمعنا بأخبارهم وبآخرهم وهو خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وعليهم وسلم، نؤمن بالرسل أن الله أرسل رسلا، وأنه نبّأ أنبياء، ورد في باب الأحاديث عدد الأنبياء؛ أنهم أربعة وعشرون ألف نبي، وأن منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رسل؛ جم غفير، الذين ذكروا في القرآن نحو خمسة وعشرين نبيا، وهناك أنبياء آخرون ما سُمّوا قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ فيؤمن المسلم بجميع الأنبياء وجميع الرسل، ويعتقد صدقهم أنهم مرسلون، وأن الله حمّلهم شرعه ودينه، ويؤمن بأنهم بلغوا ما أوحي إليهم، بلغوا الرسالات التي أرسلوا بها، وأن الله أظهرهم ونصرهم؛ فمنهم من انتصر وظهر على قومه، ومنهم من أوذي وعُذب وقُتل؛ كما قال تعالى: فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ وقال: قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ دل على أن هناك أنبياء ورسل قد تسلط عليهم أعداؤهم فقتلوهم، ولكن الله تعالى ذكر أنه ينصر من يشاء.